بقلم / أ. شادي طلعت .. مواطن قوة أمريكا1- آلية إتخاذ القرار

تعد أمريكا في العصر الذي نعيشه أقوى إمبراطوريات العالم فهي صاحبة النفوذ و اليد الطولى من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار و إستطاعت في خلال فترة وجيزة من التاريخ تحقيق ما لم تستطع دول أخرى تفوقها في العراقة تحقيقه ، و أنا عندما أكتب مقالي هذ ليس للمدح أو الثناء عليها و على ما وصلت إليه و إن كانت ظاهرة تستحق الإعجاب و الإنبهار ، و لكن ما أود التركيز عليه هو كيف وصلت أمريكا إلى هذه الدرجة من القوة ـ و بطبيعة الحال فإن الأمر يحتاج في سرده إلى ك&Ecكتب و ليس مقال ، و لكني سأتناول في الجزأ الأول من سلسلة مقالتي "مواطن القوة في أمريكا" جانباً و سأتبعه إن شاء الله بمقالات أخرى تتناول جوانب مختلفة إستطاعت أمريكا من خلالها أن تصبح الدولة الأولى في العالم .

و أول ما أود الإشارة إليه في في هذا الجزأ الأول هو الديمقراطية التي تتمتع بها تلك الدولة و بداية أود أن تتخيلوا معي الواقع الأمريكي في الجانب الديمقراطي الذي تعيشه و لنلقى نظرة على الكونجرس الأمريكي .. فالبعض قد يعتقد أن الكونجرس مثله كمثل مجلس الشعب المصري ! و هذا إعتقاد خاطئ فالكونجرس الأمريكي يتألف من مجلسين المجلس الأول هو مجلس الشعب و هو يضم 450 مقعداً ، و المجلس الثاني هو مجلس الشيوخ و يضم 100 مقعد و مجلس الشعب يضم أعضاءاً من الــ 50 و لاية و لكن لا تتساوى مقاعد تلك الولايات في مجلس الشعب فولاية كاليفورنيا على سبيل المثال تجمع 53 مقعد ! و هناك 13 ولاية كبرى في أمريكا تستطيع بمفردها الإنفراد بالقرار حتى و إن إعترضت 37 و لاية أخرى إذ أن الــ 37 ولاية لا تصل مقاعدها إلى نصف أعضاء المجلس !؟

من هنا فكر الأمريكيون في هذه المعضلة و التي قد لا تعد ديمقراطية ، و خرجوا بحل لها و قرروا إنشاء مجلس الشيوخ الأمريكي ؟ و ببساطة شديدة يضم مجلس الشيوخ الأمريكي 100 مقعد و لكل ولاية أمريكية من عدد الــ 50 و لاية 2 مقعد في هذا المجلس .

بهذا يكون لدينا مجلسين الأول مجلس الشعب و الثاني مجلس الشيوخ .. و نأتي الآن إلى صناعة القرار الأمريكي من خلال هذين المجلسين و سنجد الآتي :

كلا المجلسين يجتمعان تحت قبة واحدة و هي قبة الكونجرس الأمريكي فالكونجرس في نهاية الأمر مكون من مجل الشعب و مجلس الشيوخ و لإعتماد أي قرار لابد من أن يتفق عليه كلا المجلسين .

بهذه الآلية نجد أن الشعب هو صانع القرار الأمريكي ، و نجد أن كل فرد يشعر بالمشاركة الإيجابية في صنع القرار حتى و إن كان من ولاية صغيرة و ليست كبيرة ! كما نجد أن النهاية في صنع أو إتخاذ القرار تكون محتومة بعدم التعدي على الولايات الصغرى أو ظلمها أو إقتناص حقوقها .

هذه هي قمة هرم إتخاذ القرار الأمريكي و الذي نجده هو نفسه موجوداً داخل الولايات الأمريكية فلكل ولاية مجلسين مجلس شعب و مجلس شيوخ و لكل مقاطعة في الولاية عدد محدد في مجلس الشعب طبقاً لحجمها السكاني و في مجلس شيوخ الولاية تمثل المقاطعات فيه تمثيلاً متساوياً .

و في المقال القادم نتحدث عن الإنتخابات الأمريكية و آلياتها إن شاء الله .

شادي طلعت

20 سبتمبر 2010